إن بدأت إحداهن بقول "حبي…" في مواقع التواصل الاجتماعي ستحصل على "mute" مني, ليس هنالك ما أكرهه بقدر أن أتابع أحدهم لأجل المتعة فقط, وفجأه يتمعشق محتوى منشوراتهم, وذلك غالبا لأننا ولمدة طويلة كنا نعيش "كما توصفه مؤلفتي المفضلة في" substack" بعالم الحبيب : وهو عالم تكون فيه هوية المرأة الرقمية تتمحور حول حياة شريكها, وهي حالة نلاحظ أنها تحولت اليوم, فالنساء اللاتي يُكَافَئْن على مقدرتهن في الحصول والحفاظ على رجل بترقية اجتماعية وتقدير, قد "زوّدوها" عندما تم استغلال هذا الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي لزيادة التفاعل وإن كنت ذكي بما يكفي يمكنك تحقيق مكاسب مادية ايضا.
على كل حال , في الآونة الأخيرة أصبح هناك تحول مُعلن في الطريقة التي يعرض فيها الناس علاقاتهم اونلاين: وهي بعيدة كل البعد عن الإعلان الصريح لشريك الحياة, فالسيدات يخترن إشارات خفية, يد على دركسون القيادة, طرطقة الكؤوس على العشاء, مؤخرة رأس شخص ما, والأكثر إرباكا يوجد لدينا الوجوه المطموسة في صور حفلات الزفاف, أو يتم إزالة الخطيب كليا وبشكل بروفيشينال من جميع مشاهد الفيديوهات بعد الكثير من التعديلات والتحريرات, النساء تخفي وجوه شركاْهم عندما ينشرون على السوشال ميديا, كما لو كانوا يريدون أن يمحوا حقيقة وجودهم دون أن يكون اعتراف صريح أنهن تجنبن نشرهم عمدا.
فماذا يخبرنا ذلك؟ هل أصبحن النساء يحرجن من شركائهم؟ أم أن هنالك تفسيرا أبعد من ذلك؟ بالنسبة لي هذا ناتج عن تأرجح النساء بين عالمين مختلفين: حيث ستحصل في الأول على جميع المنافع المجتمعية لحصولها على شريك دون الظهور كالمهووسة بشريكها مع مراعاة ألا ينتهي بها الأمر على شاكلة المنبوذين اجتماعيا, هن يردن جائزة الحصول على شريك لكنهن يفهمن النمطية الاجتماعية أو "إدراك طبيعة العاديِين" تقول (زوي سامودزي) كاتبة وناشطة, في كلمات أخرى, في عصر يسوده الإحباط من العلاقات بين الجنسين, النساء لا يردن أن يظهرن بمظهر المرأة التي تتمحور حياتها حول رجلها لكنهن أيضا يردن التأثير" المكانة" التي تأتي مع الإرتباط.
لكن الامر لا يتعلق بالمظاهر والصورة الاجتماعية فقط! فعندما طرحت سؤالا على انستاغرام أخبروني كثير من النساء أنهن في الواقع يؤمنون بالخرافات فبعضهم كانوا يخشون العين والحسد, يعتقدون أن علاقاتهم السعيدة قد تثير غيرة كبيرة لدى الاخريات الى حد قد يؤدي إلى إنهاء هذه العلاقة وأخريات كُنّ يخشين من فكرة انتهاء العلاقة ثم البقاء عالقة بصور ومنشورات عنها٫ وتقول (نيكي, ٣٨ عاما) كنت في علاقة لمدة ١٢ عاما ولم أنشر عنه أو أتحدث عنه في مواقع التواصل الاجتماعي ولو لمرة واحدة, انفصلنا مؤخرا ولا اضن أنني سأنشر صور مع أي رجل آخر بعد الآن وتضيف على الرغم من أنني شخص رومانسي إلا أنني أشعر الى الان أن الرجال جميعهم سيخيبون ظنك حتى بعد ١٢ عاما لذا فإن إعلان وجود شخص في حياتك يبدو سخيفا جدا.
لكن كان هناك شعور طاغ من النساء العازبات والمتزوجات على حد سواء بأن الارتباط برجل أصبح كأنه ذنب وغلط بغض النظر عن طبيعة العلاقة ففي بودكاست delusional diaries الذي تقدمة المؤثرتان في نيويورك (هايلي وجاز )٫ ناقشتا ما إذا كان امتلاك حبيب أصبح أمر سخيف هذه الايام؟ وكانت إحدى التعليقات عن هذا الموضوع تقول : لماذا يبدو وجود حبيب يجعلك كأنك جمهوريًا؟ وهنا اشارة الى أن الإنتماء للحزب الجمهوري هو أمر مخجل بين الأمريكيين*
وعلق آخر قائلا: الأحباء اصبحوا موضة قديمة ولن يراهم الناس بشكل لطيف حتى يحسنوا الرجال التصرف .
وفي تعليق آخر نال على اعجاب الكثير يقول باختصار ان امتلاك حبيب يفقد المرأة هالتها
والمفارقة أن مقدمتي البودكاست كلتاهما في علاقه, وهو أمر لاحظته كثيرا في مواقع التواصل الاجتماعي وهو أن حتى النساء المرتبطات يتذمرن من الرجال ومن العلاقات وهذا قد يبدو تضامن مع باقي النساء ولكن السبب يكمن في كون الفتاة مرتبطة أصبح في الاساس شيء غير عصري وقديم.
والأمر ليس مجرد خيال في ذهن النساء فالمتابعون يشعرون بنفور من رؤية محتوى كامل عن الحبيب ويبدو أنني من بين هؤلاء والدليل هو كثرة استخدامي لخاصية الكتم .
عندما كشفت الكاتبة والمساهمة في مجلة فوغ البريطانية (ستيفاني يبوواه ) عن حبيبها رسميا على وسائل التواصل الاجتماعي خسرت مئات المتابعين .
تقول لي حتى لو كنا لانزال معا لم اكن لأنشر عنه هنا٫ فهو شيء محرج « ويفشل» أن تنشر صور شريكك باستمرار هذه الأيام
وتضيف: جزء مني سيشعر بالذنب أصلا إذا فعلت هذا مرة أخرى لأننا نعلم أن عالم المواعدة والارتباط في وضع سيء حاليا ولا أريد أن أكون بجيحة .
(صوفي ميلر) صانعة محتوى, مرت بتجربة مشابهة أيضا, عندما قام العديد من متابعيها بإلغاء متابعتها عندما شاركت صورة رومانسية مع حبيبها " الصيف هذا, شاب أخذني إلى سيسلي" ما إن نشرت هذا للمشتركين إلا وانهالت التعليقات علي : أرجوك لا تحصلِ على حبيب!, وأعترفت أن محتواها غالبا أصبح أقل حماسة ما إن أصبحت في علاقة , أن تكوني عزباء هذا يعطيك الحرية المطلقة لقول وفعل ما تشائين, بطبيعة الحال هذا لا ينطبق على كل إمرأة لكن لا أستطيع إلا أن ألاحظ أننا "المرتبطات" نصبح باهتون, عاديُون إلى حد الإقصاء عندما نكون في علاقة, هذا ينطبق علي أنا أيضا.
من محادثاتي مع النساء, يوجد ما هو مؤكد بالفعل, الحكاية تتحول, فالإرتباط لا يزيد من أنوثتك بعد الآن, فهو لا يعد إنجازا محققا, بل إن صح القول فإعلان عزوبيتك أصبح بمثابة استعراضا محبَبا من الكثير, بوصفي إمرأة مغايرة فإننا نواجه أمرا اضطرت كل الميول الجنسية الأخرى إلى مجابهته, مع تقييد هويتنا, لقد أُبقِيت المغايرة الجنسية عمدا ومنذ زمن طويل دون تعريف, "المقصود أن المجتمع أو الخطاب الثقافي يتعمد ألا يضع تعريفا واضحا للمغايرة الجنسية لأنها تعامل وكأنها الطبيعي أو الافتراضي فلا تحتاج لتفسير بعكس الهويات الأخرى التي تُفَكك وتُعرف وتُناقَش".
لذا أصبح من الصعب على من هم داخلها وخارجها على حد سواء توجيه النقد إليها "تقصد الكاتبة هنا المغايرة الجنسية", غير أنه مع تهاوي أدوارنا التقليدية كنساء ورجال لعلنا نُدفع اليوم إلى إعادة النظر في ولاءنا الأعمى للمغايرة الجنسية.
وبطبيعة الحال لا عيب في الوقوع في الحب لكن أيضا لا عيب في المحاولة والفشل في إيجاده٫ أو حتى في عدم المحاولة إطلاقا
وطالما أننا نعيد التفكير في مفاهيم الهيمنة المغايرة " الهيتيرونوماتيفيتي" وننتقدها فسيظل امتلاك حبيب فكرة هشة ومثيرة للجدل في الحياة العامة.
ويحدث هذا جنبا إلى جنب مع موجة من النساء اللاتي استطعن أن يعدن معنى العزوبية ويجعلون منها حالة رومانسية يقتدى بها٫ بعد أن كانت العزوبية في السابق تُصوّركتحذير بأنك ستتحولين إلى عانس تعيسة تعيش مع عشرات من القطط, لكن تلك كانت حفنة التراب الأخيرة على القبر. فهاهي العزوبية اليوم أصبحت الوضع المرغوب.
- ومن هنا تسقط الحكاية الرومانسية التي استمرت قرونًا ولم تخدم النساء حقا منذ البداية -